هل تعلم من هو النبي الذي آمن به جميع قومه؟ وما هي قصته؟ إنه أحد الأنبياء الذين جاء ذكرهم في كتاب الله عز وجل وتكررت الإشارة إلى قصته مع قومه في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، وتحمل القصة العديد العظات والعِبرالتي يمكن الاستفادة منها في تربية الأبناء وختلف مواقف الحياة بوجه عام، لذا سنتعرف على هذا النبي وقصته في السطور التالية.
من هو النبي الذي آمن به جميع قومه؟
النبي الذي آمن به جميع قومه هو نبي الله يونس بن متى، وجاء ذكره في
عدة مواضع من القرآن؛ لتثبيت النبي محمد -صلى الله عليه وسلم، وكذلك لنقل العظة للصحابة وكافة المسلمين.
أسماء النبي الذي آمن به جميع قومه
ذكر يونس عليه السلام في القرآن الكريم والأحاديث النبوية بعدة أسماء،
فهو يونس، وذي النون، وصاحب الحوت.
ولسيدنا يونس مكانة كبيرة ، فقد روى عبد الله بن عباس أن الرسول -صلى
الله عليه وسلم- قال: “ لَا
يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِن يُونُسَ بنِ مَتَّى. وَنَسَبَهُ
إلى أَبِيهِ”
قصة النبي الذي آمن به قومه كلهم
أرسل الله تعالى، يونس عليه
السلام إلى أهل نينوي في العراق، في القرن الثامن قبل الميلاد، ليدعوهم إلى عبادة
الله وحده، وشأنهم كمن سبقهم من الأمم، قابلوه بالنكران والتكذيب.
وحاول يونس عليه السلام إرشادهم للإيمان بالله بشتى الطرق دون جدوى، ثم
أنذرهم بأن العذاب سيأتيهم بعد ثلاثة أيام، إن لم يرعوا عن كفرهم .
وتملك الغضب من نبي الله يونس
بسبب عنادهم لدرجة جعلته يرحل عنهم ويتركهم من تلقاء
نفسه دون يأذن الله له بالخروج.
وبالفعل وركب السفينة وهو غضبان من قومه، وبعد مدة من إبحار السفينة ،
هاج البحر، وخاف الركاب من الغرق، وبدأوا بالتخلص من كل الحمولة الزائدة، ومع
استمرار الموج، قرر صاحب السفينة التخلص من الركاب تباعا من خلال
إجراء القرعة وتحديد من سيتم إلقاؤه من السفينة، وكانت نتيجة القرعة
وقوع الاختيار على سيدنا يونس، فأعادها الركاب ثلاث مرات، وكل مرة تقع القرعة عليه.
وهنا، امتثل سيدنا يونس -عليه السلام- لأمر الله، وألقى بنفسه
في البحر، فالتقمه الحوت، دون أن يكسر له عظمًا، أو ينهش شيء لحمه، وذهب
الحوت به بعيدًا، وأدرك يونس أن هذا عقاب ربه على تركه لقومه دون إذن.
قال تعالى:: “ وَإِنَّ
يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ
(140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ
مُلِيمٌ (142 الصافات)“.
نبي الله في بطن الحوت
عاش يونس ظلمات فوق ظلمات، أشدها الخوف من غضب الله، ونادى ربه في تلك الظلمات ودعا بالدعاء المذكور في سورة الأنبياء: “
"وَذَا
النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ
فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ
الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ
وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ" (88“.
فنجاه الله -سبحانه وتعالى، برحمته بأن أمر الحوت بلفظه إلى البر بعد أن
أعترف بذنبه وظلمه لنفسه.
وبعدها من عليه سبحانه وتعالى وأنبت عليه شجرة من يقطين ليأكل منها، وتكون له دواء وشفاء من الإعياء الذي أصابه جراء البقاء في بطن الحوت، وقد ورد ذلك في قوله تعالى في سورة الصافات:
"فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) ۞ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ" 146.
إيمان قوم يونس
تيقن قوم يونس بعد أن غادرهم
أن ما توعدهم به آت لا محالة، لأنهم رأوا علامات العذاب، فآمنوا بالله،
وتركوا الكفر واستغفروا ربهم طلبا لرفع العذاب.
وذكر تعالى ذلك في سورة يونس:
"فَلَوْلَا
كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا
آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ" (98)
وبعد أن عرفنا من هو النبي الذي آمن به جميع قومه، يمكن استخلاص أهم
الفوائد منها وهي:
- الصبر في الدعوة وعدم التعجل ، حيث أشار القرآن غلى أنّه كان على يونس -عليه السلام- ألّا يستعجل فيترك قومه وحدهم، بل يواصل دعوتهم ويصبر عليهم لأن الداعية يجب أن يكون صبوراً.
- عدم الاستسلام للغضب؛ فالغضب سلوك منهي عنه لأنه من الشيطان، والتحكم في الغضب من مظاهر القوة .
- فضل صيغة التسبيح الواردة في قصة يونس عليه السلام، وهي: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) وأنها جامعة، شاملة للتوحيد، والتسبيح، والاعتراف بفضل الله تعالى على عباده.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب لنا في التعليقات عن رأيك في الموضوع