ينزعج كثير من الآباء والأمهات من
كوّن أطفالهم مهزوزي الثقة بأنفسهم، أو ليس لديهم الثقة بالنفس في قدراتهم
وآرائهم، ويخطئون عندما يتعاملون على أن عدم ثقة الطفل بنفسه من طبيعة الطفل ولا
علاج لها.
وبهذا الاعتقاد لا يسعون إلى معرفة
أسباب عدم ثقة الطفل بنفسه، وعلاج مظاهر عدم الثقة، ولا يتعلمون أبسط الحلول عن
تعزيز ثقة الطفل بنفسه، وتربيته بالشكل الصحيح، علما بأنهم قد يكونون أحد أسباب
فقدان الطفل لثقته في نفسه.
وفي هذا المقال سوف نتعرف على أهمية
تعزيز الثقة بالنفس عند الأطفال، وإيجابيات تعزيز الثقة، وأهم مظاهرها، وما هي أسباب
ضعف الثقة بالنفس عند الأطفال، وسوف نختم مقالنا بكيفية علاج ضعف الثقة حتى يستطيع
أبناؤنا مواجهة مصاعب الحياة بقوة وحكمة.
ونبدأ بأول عنصر من عناصر المقال
لتوضيح مدى أهميته، وهو:
أهمية تعزيز الثقة بالنفس عند الأطفال
أشارت بعض الاحصائيات أن الصفات التي
يتحلى بها كل فرد يكتسبها في سنواته الأولى فبل سن 7 سنوات، ولذلك يقع على كل
الآباء والأمهات الحرص دائمًا في غرس كل الصفات الطيبة التي يتمنوا أن يروها في
أبنائهم ومنها الثقة في النفس، في المراحل الأولى من طفولة أبنائهم، حيث تعد
الأسرة هي المحضن التربوي الأولى للطفل، وهو مصدر بنائه لشخصيته. وعلى الأبوين
تنمية قدرات ومهارات وصفات أطفالهم بالطرق العلمية والتربوية الصحيحة، لبناء شخصية
طفلهم بطريقة سليمة.
ومن أهم إيجابيات تعزيز ثقة الطفل بنفسه:
1- تكوين علاقات اجتماعية
يعد بناء الثقة في نفوس أطفالنا من أهم
الأسباب في تنمية مهارات الطفل الاجتماعية، وقدرته على تكوين صداقات وعلاقات
اجتماعية جيدة وخاصة في مرحلة المراهقة؛ مما يحقق له السعادة وعدم الخوف من التعامل مع المحيطين به في البيت
والشارع والمدرسة، وغيرها من الروابط الاجتماعية.
2- القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة دون تردد او خوف
تمنح الثقة في النفس لصاحبها القدرة على اتخاذ القرارات السلمية، وعدم الخوف من إبداء الآراء في المواقف والمواضيع المختلفة.
3- الثقة بالنفس تمنح الطفل عدم الوقوف في الأخطاء
تساعد تعزيز الثقة بنفس الطفل على
قدرته على التمييز بين الخطأ والصواب، والتعامل بشكل إيجابي مع المشكلات التي يمر
بها، وحلها دون تردد أو خوف من الفشل، فالثقة في النفس تعطيه طاقة كبيرة ليثق في
طريقة حله للمشكلات وعدم التردد والخوف.
مظاهر عدم الثقة بالنفس عند الأطفال
تتعدد مظاهر عدم الثقة بالنفس عند الأطفال، وعلى الأبوين ملاحظة
أطفالهم جيدًا للتعرف عليها أو التعرف على بعضها، حتى ينتبها مبكرًا ويبدأن في
علاج اهتزاز ثقة طفلهما بنفسه، ومن هذه المظاهر:
1- فقدان الثقة بنفسه في اتخاذ أي قرار
خوفًا من اتخاذ القرار الخاطيء.
2- يتهم نفسه دائما بصفات سيئة لعدم
الثقة في نفسه بأن يقول" أنا فاشل، أنا ضعيف، أنا غبي.... "
3- يخاف من اسناد أي مهمة له خوفًا من
عدم القدرة على القيام بها.
4- يفضل دائما أن يكون اليد الثانية أو
يأخذ دور ثانوي وليس أساسي في مهمة او لعبة أو القيام بأمر ما.
5- يكذب أو يسوق المبررات أثناء الفشل
في القيام بأمر، ويلقى اللوم على الغير.
6- الابتعاد عن الاجتماعيات وعدم الرغبة
من تكوين صداقات جديدة.
7- التغير السريع في الحالة المزاجية
كالحزن والفرح والبكاء والصراخ
أسباب ضعف الثقة بالنفس عند الأطفال
سنتناول في السطور المقبلة بعض أسباب الضعف الثقة بالنفس عند
الأطفال، ومنها:
1-
النقد المستمر يهز ثقة الطفل بنفسه
من الأخطاء الكارثية التي يرتكبها الآباء هي النقد المستمر لتصرفات
وأفعال أبنائهم، مما يشعرهم بضعف الشخصية والخوف من اتخاذ أي قرار أو فعل شيء وهم
يعتقدون أن نصيبهم من فعله سيكون النقد أو السخرية.
فالنقد المستمر يرتبط ارتباطًا وثيقًا بصعف شخصية الطفل وعدم ثقته
في نفسه، لما يحتويه من رسائل سلبية تكون سببًا في اهتزاز الثقة والإحباط من فعل أي
شيء.
2-
خوف الآباء الزائد على
الطفل بعدم تحميله مسؤولية أو فعل شيء بنفسه
يفرط الآباء أحيانا في خوفهم على
أبنائهم، بعدم تحميلهم أي مسؤولية، او مشاركته في أي قرار، مما يساعد على ضعف ثقة
الطفل بنفسه، وخوفه من الفشل في تحمل المسؤولية، ويصبح في حالة قلق أو خوف من
الفشل، ويؤثر على رغبة الطفل في تجربة أشياء جديدة أو اعتماده على نفسه
3-
عدم تشجيع الأطفال ومساندتهم
يحتاج الطفل بشكل مستمر إلى المساندة والتشجيع حتى نعزز ثقته
بنفسه، يشعر أنه قادر على تحميل بعض المسؤوليات، ولا يخاف من فعل شيء او اتخاذ
قرار بمفرده في مسألة ما.
فالتشجيع المستمر يعزز من قدرة الطفل على الاعتماد والثقة بنفسه،
وبناء شخصيته، ويزيد من ثقته في قراراته وأفعاله.
4-
مقارنات الأطفال ببعضهم البعض
قد يخطأ كثير من الآباء في تربية أبنائهم بشكل غير مقصود بمقارنة
أطفالهم بأطفال آخرين، من باب تحفيزهم، ولكن هذا النوع من المقارنات له تأثير سلبي
كبير على الأطفال.
فالرسالة السلبية التي تصل للطفل مفاده أنه فاشل وغير قادر على النجاح مقارنة بالطفل فلان، وتسلط الضوء على النقاط السلبية للطفل وتعمل على تضخيمها، مما يشعره بالإحباط والضيق، فضلا على اشعاره بالإحراج الدائم والنفور من الطفل الآخر بالرغم من أنه ليس له ذنب، ولكن الخطأ يقع على الأبوين
تشجيع الطفل على فعل الأشياء الجديدة بأنفسهم، وترك لهم مساحة كبيرة من التجربة والخطأ، يعطي لهم مزيد من الثقة في النفس وعدم الخوف من الفشل
علاج ضعف الثقة بالنفس عند الأطفال
من الجميل أن يلاحظ الآباء مبكرًا أن طفلهما مهزوز الثقة بنفسه أو
ليس لديه الثقة في أنه قادر على تحمل المسؤولية، وخوفه من الفشل لضعف ثقته بنفسه.
ومن الطبيعي أن تختلف درجة ثقة كل طفل بنفسه حسب تربيته وسلوكه،
والبيئة المحيطة به، وخبرة والديه في تحفيزه ومعالجة أسباب ضعف الثقة لديه.
وفيما يلي سنتناول بعض الوسائل التي تساعد الأبوين في تعزيز ثقة الطفل بنفسه، ومنها
شجع طفلك على فعل أشياء جديدة بنفسه
من الجيد تشجيع الأبوين أطفالهما على فعل الأشياء الجديدة دون خوف أو تردد لاكتساب مهارات وصفات تجعله واثقًا من نفسه، وقادرا على النجاح دون قلق أو خوف من الفشل.
امدح طفك على أفعاله بحكمة ووعي
يحتاج الأطفال بشكل مستمر الشعور بأن ما فعلوه شيء جيد، ويعمق هذا
الإحساس مدح الآباء أطفالهم عندما يفعلون أمرًا ما، مما يشعرهم بالثقة في النفس
والنجاح في اتخاذ القرارات وعدم الخوف من تحمل المسؤولية.
وطبعا لا نقصد بمدحهم أن نمدحهم على كل شيء وأي شيء، ولكن نمدحهم
بحكمة ووعي، حتى لا يتربى الطفل على الرغبة في مدح أفعاله حتى لو كانت خطأ أو لا
تستحق
لا ترهب طفلك بالخوف من الفشل
جميعنا يخطأ سواء كنا كبارًا أو صغارًا، لذلك لا داعي أبدا على الأبوين إرهاب طفلهما وعقابه على الفشل، فلولا الفشل لن يتعلم أي شيء، ولن يفرق بين الصواب والخطأ، خاصة في مراحل طفولته الأولى.
فمن الطبيعي أن يجرب الطفل أشياء كثير لا يعرفها، ولو غرسنا فيه الخوف من الفشل ولم نسمح به، لن يجرؤ على الدخول في تجارب جديدة أو فعل أي شيء يتعلم منه الصواب والخطأ.
ساعد طفلك على تعلم أشياء جديدة لمزيد من الثقة بالنفس
ساعد طفلك على تعلم المزيد من الأشياء والأمور الجديدة، وعلمه كيف يتقنها، أو يفعلها، واعطهم فرصة للتجربة والتعلم والفشل أحيانًا، حتى يتعلم الاعتماد على نفسه ويثق في قدراته.
عوّد طفلك على اتخاذ قراراته بنفسه
من أهم أسباب تعزيز الثقة بالنفس عن الأطفال هو إعطائهم الفرصة في اتخاذ القرارات، وتحمل مسؤولياتها، ومن الممكن الكلام معهم عن إيجابيات القرار وسلبياتها، وترك الاختيار لهم.
فالواجب على الآباء توجيه أطفالهم
وتوضيح الأمور لهم، وإعطائهم الحرية في الاختبار، مما يزيد الثقة في نفوسهم
وقدراتهم.
ناقش طفلك واستمع لرأيه
من الأخطاء التي يقع فيها الآباء أحيانا هو عدم السماع لأبنائهم، أو السماح لهم بإبداء الرأي في الأمور التي تخصهم، اعتقادًا منهم أن طفلهم لا يستطيع أن عقله عقل طفل لا يستطيع التفكير بشكل سليم، ولا يقدر على النقاش في أمور يظنون أنها أكبر منها، فيتربى الطفل على كبت الرأي والحرمان من الحرية في قول رأيه في أقل الأمور، وبهذا تضعف ثقته في نفسه، ويخشى دائمًا التعبير عن رأيه مخافة السخرية والاستهزاء به.
اسند له بعض المسؤوليات في المنزل
من الأساليب التي تعطي الطفل الثقة في نفسه هي اسناد بعض المهام أو المسؤوليات له داخل المنزل، حتى يتحمل المسؤولية ويعتمد على نفسه في اتخاذ القرار المناسب لأداء المهمة والتفكير في اتمامها بنجاح.
وبهذا تتولد عنده الثقة في نفسه دون خوف من الفشل أو التردد في اتخذا القرار المناسب.
عبر دائمًا عن حبك لطفلك
تربية الطفل في بيئة أسرية صحيحة وشعوره المستمر بحب والديه، وتعبيرهم عن هذا الحب أمر ضروري لبناء الثقة بنفسه، واستكشاف قدراته ومهاراته، ويعزز لديه الشعور بالرضا وقوة الشخصية.
وختامًا، وبعد أن وضحنا أعراض ضعف ثقة الطفل بنفسه، وبينّا كيف
نعزز هذه الثقة بأبنائنا، وجب على جميع الآباء والأمهات إذا أردوا بناء شخصية
أطفالهم بشكل صحيح، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم أن يبذلوا كل ما يستطيعوا من جهد،
ويجربوا كل الوسائل التي تعلمناها، حتى يبنون شخصية أبنائهم ويربون رجالا واثقين
بأنفسهم، وقادرين على تحمل المسؤولية.


تعليقات
إرسال تعليق
اكتب لنا في التعليقات عن رأيك في الموضوع